• ×

01:08 مساءً , الجمعة 17 شوال 1445 / 26 أبريل 2024


كيف تتم الخصخصة ؟..

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
أ د صالح بن سبعان
أ د صالح بن سبعان
إن الهدف من الخصخصة ليس مجرد مشاركة القطاع الخاص أو الأهلي في إدارة وتمويل هذه المؤسسات والمرافق . كما أن الهدف لا يجب أن ينحصر في حاجة الدولة للأموال التي تسدد بها ديونها .. وإنما يجب أن يكون الهدف الإستراتيجي هو استغلال الموارد ، وتفعيل عملية استثمار موارد الدولة من ناحية ، ودعم ورفع مستوى الخدمات على نحو أرقى وأكثر تطوراً من ناحية أخرى .

وأن السعي لتحقيق هذا الهدف يجب أن لا يغفل الوجه الآخر لعملية الخصخصة ، أعنى وضع " آثار الخصخصة " في الحسبان . لأن دخول القطاع الأهلي والخاص كمشترى أو مستأجر ، أو بمعنى آخر كمستثمر في الخدمة المعنية ، يعنى بالضرورة أن أول تغيير سيحدثه في هذا الموقف سيكون على مستوى " الأهداف " .
فإذا كانت الحكومة تدير خدمة ما ، فإن هدفها الأول هو تأمين هذه الخدمة للمواطن بأقل مقابل مادي ممكن .
أما المستثمر الخاص فإن عينه ستتجه قبل ذلك إلى الإمكانيات الربحية التي يمكن تحقيقها من تمويل وإدارة هذه الخدمة ، وهل هي مجدية اقتصاديا أم لا ؟ .. وكم هو العائد ـ كأرباح ـ منها ؟ ..
وبالتالي فإن القاعدة التي تحكم إقباله أو عدم إقباله للدخول في هذا الشكل من الاستثمار ستكون : إنتاج الخدمة بأقل تكلفة ممكنه ، وتحقيق أقصى أرباح ممكنة منها .
هذا هو التغيير على مستوى " الأهداف " هو الذي سيحدد سياسات المستثمر في كل العمليات التنفيذية ، ابتداء ًبالهيكلة الإدارية والتوظيف ونظم العمل ، وانتهاء بالتسويق .
هذا من ناحية المسـتثمر ...
ولكن هناك طرف آخر وهو الحكومة ، إذ أن خصخصتها لخدمة معنية لا يعنى أن ترفع يدها نهائياً وبشكل كامل عنها للمؤسسات الأهلية أو القطاع الخاص .
لأن للدولة مسئولياتها تجاه : العاملين بهذه المؤسسات قبل الخصخصة وبعدها ... وتجاه المواطن المستهلك للخدمة التي تقدمها . وفى هذا السياق فإن للدولة خططها الوطنية وسياساتها الخاصة بمواطنيها
وواحدة من العقد التي يجب أن توضع في الحسبان لكلا القطاعين : الحكومي والأهلي هي مصير العاملين الذين سيتم الاستغناء عن خدماتهم ، ولاشك في المؤسسات الأهلية حين تؤول إليها مسئولية إدارة المؤسسات التي تم خصخصتها .
إذ أن الحكومة وفى سعيها لتأمين الوظيفة لكل مواطن ، وإحلال العمالة الوطنية محل العمالة المستقدمة تضغط على نفسها وعلى ميزانياتها العامة لتحقيق هذا الهدف ، وبالتالي فإنها تعانى من تضخم وظيفي ، وتصرف من ميزانياتها على جيش من الموظفين ممن يشكلون شبة بطالة موظفة بأجـر .
والحال أن القطاع الأهلي أو الخاص لا يجد نفسه ملزماً بصرف أجور لفائض عمالة لا يحتاجها ، ولا يمكن للحكومة أن تلزمه بهذا الجيش من فائض العمالة الذي ـ حتى لو التزمت الحكومة بأجورهم ـ سيسببون ترهلاً في هياكل المؤسسات مما يؤدى إلى إبطاء وإرباك العمليات الإنتاجية والتسـويقية .
وثمة تجارب يمكن الاستفادة منها في وضع معالجات لهذه المشكلة التي يجب أن نتحسب لها قبل إجراء الخصخصة .. وتحضرني واحدة من هذه التجارب تمت في دولة غانا ، حيث اتجهت المعالجة اتجاهين :
الأول : أن يعطى العامل أو الموظف الذي يخرج " كفائض عمالة " إلى جانب فوائد ما بعد الخدمة التي يستحقها مبلغاً آخر كتعويض مع تسهيلات من الحكومة لينشى له مشروعاً صغيراً أو متوسطاً يدير به أموره المعيشـية .
والثاني : أن يعاد تدريبه وتأهيله لتوظفه الدولة في مرفق يحتاج فعلاً إلى خدماته .
وربما تكون هناك العديد من التجارب الأخرى التي يمكن دراستها ..
وفى سياق ، أو فضاء السؤال الأول : الخصخصة لماذا ؟ .. قلنا أن وتفعيل استغلال موارد الدولة وتقديم خدمة سهلة ومتطورة للمستهلك يجب أن يكون هو الهدف الإستراتيجي للخصخصة .
وثمة ما يعوق تحقيق هذا الهدف .. فهل درسنا ذلك جيداً أو فكرنا فيه ؟ .. إذ أن الكثير من الشواهد والتجارب السابقة في بعض الدول أدت فيها الخصخصة إلى نتائج كارثية ، حين أدت إلى احتكار خدمات حيوية وضرورية للغاية وإرتهتنها في يد مؤسسة أهلية معينة . مثلما حدث في السودان الشقيق حين أدت خصخصة دار الهاتف الحكومية (سوداتيل_ـ والتي بيعت أسهمها لمستثمرين أغلبهم عرب وخلجيين ) وحولتها إلى مؤسسة في القطاع الخاص ، والنتيجة كانت هي أن احتكرت المؤسسة خدمات الهاتف احتكارا مطلقاً .
وفى ظل عدم وجود منافس أخذت المؤسسة الجديدة تفرض أجوراً عالية على خدمات الاتصال التي تقدمها .
وكما علمنا ديننا الحنيف .. أن المحتكر (ملعون) بنص الحديث النبوي الشريف ، إضافةً إلى ذلك فقد كشفت التجارب الاقتصادية في العالم كله أن المحتكر لسلعة معينة سيفرض عليها ما يشاء من أسعار ، ثم أنه سينتج السلعة بأقل تكلفة وذلك على حساب نوعها وجودتها .. وكل ذلك بسبب عدم وجود منافس له .
والحال أننا إذا أخذنا من الحكومة قطاعاً معيناً أو خدمة معينة بيدنا اليمنى وقمنا بتسليمه لمؤسسة أهلية بيدنا الشمال ، ولم نفتح باب المنافسـة ، فإننا سنلحق أضراراً كبيرة بمستوى الخدمة أولاً ، ثم بالمستهلك على مستوى ما سيدفعه مقابل السلعة ، لأن الدولة حين كانت تدير عمليات إنتاج وتوزيع السلعة لم يكن همها أن تحقق الربح في المقام الأول .
والله من وراء القصد ، وبه التوفيق ،،،
أ د صالح بن سبعان

 0  0  5.1K

التعليقات ( 0 )

آخر التعليقات

جعلها الله امطار خير وبركه وعم بنفعها
فيديو - في محايل عسير سيول جارفة وأحياء تتحول إلى برك مائية

12 شوال 1445 | 1 | | 368
  أكثر  
ألف مبارك الترقية لسعادة اللواء حمدان بن سعيد الشهري نسأل الله أن تكون عونا له على الطاعة وخدم
سمو أمير القصيم يُقلد "الشهري" رتبتة الجديدة

9 شوال 1445 | 2 | | 585
  أكثر  
الله يوفقه ويعينه على اداء مهامه
سمو أمير القصيم يُقلد "الشهري" رتبتة الجديدة

9 شوال 1445 | 2 | | 585
  أكثر  
سوق قديم وهجر من مرتادية بسبب اهماله وعدم تطويرة نتمنى النظر في هذا السوق
فيديو - سوق الأثنين الأسبوعي شرق #بارق يُعاني الأهمال ومُطالبات بإعادة تنظيمه

5 شوال 1445 | 4 | | 739
  أكثر  
ياليت البلديه تهتم باعادة تنظيمه وترتيبه وانارته لانه سوق شعبي قديم ومعروف في الجنوب ويخدم السكان وي
فيديو - سوق الأثنين الأسبوعي شرق #بارق يُعاني الأهمال ومُطالبات بإعادة تنظيمه

5 شوال 1445 | 4 | | 739
  أكثر  
اتمنى من رئيس مركز ثلوث المنظر الوقوف على السوق والرفع لاميرنا المحبوب أمير عسير وقائد تطويرها للنظر
فيديو - سوق الأثنين الأسبوعي شرق #بارق يُعاني الأهمال ومُطالبات بإعادة تنظيمه

5 شوال 1445 | 4 | | 739
  أكثر  
 نعم السوق يحتاج تنظيم وكذلك يحتاج اناره بارك الله فيكم 
فيديو - سوق الأثنين الأسبوعي شرق #بارق يُعاني الأهمال ومُطالبات بإعادة تنظيمه

5 شوال 1445 | 4 | | 739
  أكثر  
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 01:08 مساءً الجمعة 17 شوال 1445 / 26 أبريل 2024.