• ×

08:03 مساءً , الجمعة 17 شوال 1445 / 26 أبريل 2024


حُبٌّ لا يَشِيخ

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
إبراهيم سعيد بخروش
إبراهيم سعيد بخروش
حُبٌّ لا يَشِيخ


يقول أحدهم:

[صعدتُ على متن الطائرة متَوجِّهاً إلى إحدى المدن رفقةَ "أُمّي" في رحلة علاج لها..

وبعد إقلاع الطائرة بقليل أخرجتُ كتابي وبدأتُ أقرأ..

وبينما أنا كذلك كانت رفيقة دربي منشغلة كعادتها* بالدعاء والاستغفار* ..

سألتُها إن كانت تريد شيئاً ؟ شكرتني ثم سألتني: ماذا تقرأ ؟

أخبرتها بموضوع الكتاب ودار بيننا حوار قصير .. ختمته قائلة (ياليتني أعرف أقرأ القرآن! )

ثم عادت تكرر ابتهالاتها ودعواتها

أمّا أنا : فقد سرقتني تلك الأمنية العظيمة لأمي مما كنت فيه ،*لتغوص بي في بحر الذكريات ، وأعيش مرّة أخرى تلك اللحظات التي أيقضتني فيها من النوم وأخبرتني للمرة الأولى قائلة (إلبس ثوبك الجديد لتذهب للمدرسة) ..

لأنهض على الفور بفرح شديد وهي تنظر إلي مبتسمة..


وكـ حال أي أسرة أخرى كان من أولادها من يحتاج للإيقاض مرة ومرتين وأكثر وهي تفعل ذلك بلا ملل! .

* ثم انطلقتُ للمدرسة..

لا !!*

بل انطلقت لحياةٍ كان لأمي فيها عظيم الأثر والفضل.

كيف لا تكون كذلك !

وقد كانت الموجهة والمربية والقدوة..

فما زلت أتذكر نصيحتها التي كنت انزعج عند سماعها (لازم يولدي تكون عضو نافع لدينك ووطنك ومجتمعك) ، واستغفر الله من ذنب الانزعاج.

كيف لا تكون كذلك !
وهي التي كانت تعمل - بالأضافة لعملها كـ ربّة منزل- في الزراعة والفلاحة ورعاية أملاك الأسرة الأخرى كالأغنام والأبقار* والخياطة الضرورية أحياناً لتساند أبي في تأمين لقمة عيش كريمة..

كيف لاتكون كذلك!

وهي التي وهبتني شبابها وصحتها لأتعلم وأكبر.. حتى إنه لم يبقَ اليوم من ملامحها تلك عندما أيقضتني أول يوم دراسي إلا ابتسامتها التي أضاءت لي كل الدروب..

وما زال عطاء مبسمها يتدفق رغم كل الأوجاع..

كم أتمنى اليوم لو أنّني بقيت طفلاً صغيراً لتبقى أمي بشبابها وصحتها..

وعلى الرغم من كل ذلك.. لم استطع أن أحقق أمنيتها بقراءة القرآن.. رغم محاولتي ذلك بإحضار مصحف ناطق لها..

بينما أنا غارق في عالم الذكريات إذا بالمضيفة تلفت انتباهي لربط الحزام استعداداً للهبوط.. لتنتهي الرحلة ونصل بسلام.. فـ لا شك أن "لكل رحلة نهاية" ] انتهى..

عزيزي القارئ:

قصة أُمّ ذلك الشاب ليست حالة فردية نادرة الحدوث* بل واقع كل أم وأب ضحو من أجل أبنائهم..

فعطاؤهم يفوق مايملكون وكأنّ المقولة الشهيرة "فاقد الشيئ لايعطيه" لاتنطبق على عطائهم وحبهم..

عطاء بلا منّة ، وتضحيات لا تُقارن بعطاء بشر .. وحبٌّ لا يشيخ أبداً.

ولنتذكر* دائماً ذلك التوجيه الرّبّاني في قوله تعالى:
{ فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} الإسراء

ولا شكّ أن فقد الأم مصاب عظيم وعزاء كل من فقد أمّه أن يتذكر أنّ رسول الله ﷺ نشأ يتيماً..

* وفي كل لحظة حزن ؛ وانهمار دمعة فراق ليتذكر أنّ ذلك القلب الحنون ماكان ليرضى لفلذة كبده إلا السعادة وأنّه ينتظر منه الدعاء عملاً بحديث رسول الله ﷺ : (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) رواه مسلم

ختاما: {رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}

ودمتم سالمين
إبراهيم سعيد بخروش

 0  0  4.5K

التعليقات ( 0 )

آخر التعليقات

جعلها الله امطار خير وبركه وعم بنفعها
فيديو - في محايل عسير سيول جارفة وأحياء تتحول إلى برك مائية

12 شوال 1445 | 1 | | 384
  أكثر  
ألف مبارك الترقية لسعادة اللواء حمدان بن سعيد الشهري نسأل الله أن تكون عونا له على الطاعة وخدم
سمو أمير القصيم يُقلد "الشهري" رتبتة الجديدة

9 شوال 1445 | 2 | | 598
  أكثر  
الله يوفقه ويعينه على اداء مهامه
سمو أمير القصيم يُقلد "الشهري" رتبتة الجديدة

9 شوال 1445 | 2 | | 598
  أكثر  
سوق قديم وهجر من مرتادية بسبب اهماله وعدم تطويرة نتمنى النظر في هذا السوق
فيديو - سوق الأثنين الأسبوعي شرق #بارق يُعاني الأهمال ومُطالبات بإعادة تنظيمه

5 شوال 1445 | 4 | | 752
  أكثر  
ياليت البلديه تهتم باعادة تنظيمه وترتيبه وانارته لانه سوق شعبي قديم ومعروف في الجنوب ويخدم السكان وي
فيديو - سوق الأثنين الأسبوعي شرق #بارق يُعاني الأهمال ومُطالبات بإعادة تنظيمه

5 شوال 1445 | 4 | | 752
  أكثر  
اتمنى من رئيس مركز ثلوث المنظر الوقوف على السوق والرفع لاميرنا المحبوب أمير عسير وقائد تطويرها للنظر
فيديو - سوق الأثنين الأسبوعي شرق #بارق يُعاني الأهمال ومُطالبات بإعادة تنظيمه

5 شوال 1445 | 4 | | 752
  أكثر  
 نعم السوق يحتاج تنظيم وكذلك يحتاج اناره بارك الله فيكم 
فيديو - سوق الأثنين الأسبوعي شرق #بارق يُعاني الأهمال ومُطالبات بإعادة تنظيمه

5 شوال 1445 | 4 | | 752
  أكثر  
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 08:03 مساءً الجمعة 17 شوال 1445 / 26 أبريل 2024.